كتاب الطهارة 21

الدرس في كتاب الطهارة 21، ألقاها

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد، توقفنا في الدرس الماضي في كتاب "الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة" عند المسألة السادسة من مسائل المسح على الخفين والعمامة والجبيرة، وهي مسألة متى تبدأ مدة المسح؟ وتقدم معنا في الدرس الماضي أن الأصح من أقوال أهل العلم أنه يبدأ من أول مسحة بعد حدث. ومعنى هذا أن من توضأ فمسح على خفيه لا لأجل حدث ولكن لتجديد الوضوء، فإن هذه المسحة غير معتبرة. طيب، وضحها جماعة. الفرق بين المسألة والمسألة: العبرة في مسألة المسح على الخفين أن يكون مسحًا بعد حدث، أما إذا كان مسحًا من غير حدث فإن المدة لا تبتدئ منه.

مثال ذلك: إنسان توضأ لصلاة الظهر فلبس الخفين، وصلى الظهر، وجاء وقت صلاة العصر وهو على طهارة، ما زال على طهارة، فأحب أن يجدد الوضوء، توضأ ومسح على خفيه. هل يكون هذا المسح هو المسحة التي يبتدئ بها المسح على الخفين؟ أم لا؟ الجواب: لا، لأنه ليس مسحًا بعد حدث، وإنما مسح عن طهارة، والعبرة في ابتداء المسح أن يكون بعد ماذا؟ بعد حدث. واضح هذا، جماعة؟ أم لا؟

طيب، المسألة السابعة: المسح على الجبيرة والعمامة وخمر النساء. قالوا: الجبيرة هي أعواد ونحوها كالجبس مما يربط على الكسر ليجبر ويلتئم، ويمسح عليها. قالوا: وكذلك يمسح على اللصوق واللفائف التي توضع على الجروح، فكل هذه الأشياء يمسح عليها بشرط أن تكون على قدر الحاجة. فإن تجاوزت قدر الحاجة، لازم نزع ما زاد على الحاجة. قالوا: ويجوز المسح عليها في الحدث الأكبر والأصغر، الأكبر كالجنابة ونحوها، والأصغر كما تقدم معنا في نواقض الوضوء. قالوا: وليس للمسح عليها وقت محدود، بل يمسح عليها إلى نزعها أو شفاء ما تحتها. والدليل على ذلك أن المسح على الجبيرة ضرورة، والضرورة تُقدّر بقدرها، ولا فرق فيها بين الحدثين، أي الأكبر والأصغر.

قالوا: طيب، مسألة المسح على الجبيرة. الجبيرة معروفة عندنا. يستخدمها الناس بكثرة، الجبس في هذه الأيام، الجبس إذا حصل له كسر في يده، كسر في قدمه، فيحتاج إلى جبيرة، تجبير وجبيرة. بعض الناس كذلك لا زالوا على هذا الحال، يفعلونها من أعواد، أو يعني في هذه الأيام بعضهم يفعلها كذلك من كرتون ونحوه، المهم الجبيرة معروفة. وذكر هؤلاء أنه يُلحق بها كذلك ما كان في معناها من الأشياء التي تربط لأجل الجروح، كما هو معلوم، يعني ما يستخدم في هذه الأيام من الشاشة واللواسق وما شابه ذلك تأخذ حكم الجبيرة.

فحكمها الآن إذا حصل لإنسان مثلاً كسر في يده، ففعل جبيرة على يده، فإذا توضأ أو أراد أن يغتسل للجنابة أو نحوها، فما الواجب عليه في هذه الحال؟ العلماء رحمهم الله في هذه المسألة ذكروا أقوالًا: فمن أهل العلم من ذهب إلى أنه يغسل الأعضاء السليمة، وأما العظم الذي فيه الجبيرة ونحوها، فإنه يمسح عليه ويكتفي بذلك. وقد جاء في ذلك حديث، جاء عن جابر، وتارة يُروى عن ابن عباس، وأخرى عن جابر، وفيه أن رجلًا شُج في رأسه فسأل أصحابه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هل يتيمم؟ هل له في ذلك رخصة؟ فقالوا: لا نعلم لك رخصة، والرجل قد أصابته جنابة، فاغتسل فمات. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخبر، فقال: "قتلوه، قتلهم الله، وهل شفاء العيء إلا السؤال؟ إنما كان يجزئه أن يغسل ما استطاع ويمسح على الجبيرة أو كما قال". وجاء في بعض الروايات يغسل ما بقي من جسده ويتيمم. وهكذا جاءت ألفاظ في هذا الحديث، والعلماء في هذا الحديث منهم من يحتج بهذا الحديث، ومنهم من لا يصححه. وعمل هؤلاء، أي أصحاب كتاب الفقه الميسر، يظهر أنهم يرون أن الحديث لا يثبت، وهو كذلك، فإن الحديث، والله أعلى وأعلم، لا يثبت.

وقد ذكر العلماء رحمهم الله فيه علل، أشاد أن الحديث لا يصح. بقي الحكم إذا لم يكن في المسألة دليل، فما الحكم إذن؟ هل يمسح على الجبيرة أم لا؟ قلنا من أهل العلم من قال: يمسح على الجبيرة، يغسل الأعضاء السليمة، والعضو أو الأعضاء التي عليها الجبيرة، يمسح عليها. ومن أهل العلم من قال: إنما يكفيه أن يغسل الأعضاء، وليس عليه مسح للجبيرة لأنه لا دليل على المسح. ومن أهل العلم من قال: يرجع إلى التيمم، يرجع إلى التيمم، إذا كانت أعضاؤه فيها جبائر فإنه يرجع إلى التيمم. ومن أهل العلم من قال: نعمل احتياطًا، فنعمل بالأقوال المذكورة. ما هي الأقوال المذكورة؟ قالوا: يغسل الأعضاء السليمة، يمسح على الجبيرة، ويجبر ذلك المسح بالتيمم. ويجبر ذلك المسح بالتيمم. وبعض أهل العلم يفصل في ذلك: إذا كانت الأعضاء السليمة أكثر أو مساوية أو أقل. فإن كانت أكثر، فيرجع إلى التيمم، وإن كانت مساوية محل اجتهاد، وإن كانت أقل، فيغسل الأعضاء السليمة، ويمسح على الجبيرة. والأحوط والأسلم، والله أعلى وأعلم، أن يغسل الأعضاء السليمة كثرت أم قلت، ويمسح على الجبيرة، وإن لم يثبت فيها دليل. إلا أن العلماء استدلوا بعض الأدلة بأقيسة من هذه الأقيسة، قاسوها على المسح على العمامة، وكذلك قاسوها على المسح على الخفين. وإن كان هناك فوارق، ولكن كما يقال إن كان القياس فيه ضعف، هذه مواطن لكن يقوى جانب الاحتياط المذكور.

فكما سمعتم، يغسل الأعضاء السليمة، ويمسح على الجبيرة، وإن زاد فتيمم كذلك، فحسن، والله أعلى وأعلم، وذلك يخرج الإنسان عن الخلاف بإذن الله جل وعلا، ويكون داخلًا في العبادة بشيء هو أحوط وأسلم وأبرأ لدينه. والله تعالى أعلى وأعلم.

طيب، قالوا رحمهم الله أحياءً وأمواتًا. قالوا: وكذلك يجوز المسح على العمامة، وهي ما يعمم به الرأس ويكوّر عليه. والدليل على ذلك حديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته وعلى ناصيته، مسح على عمامته وعلى الناصية والخفين. قالوا: الحديث رواه مسلم، وشاهده أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته، على عمامته وعلى الناصية والخفين. قالوا: حديث أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار، يعني العمامة، وهذا الحديث كذلك رواه مسلم عن بلال ابن رباح رضي الله عنه وأرضاه، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن بعض الحفاظ أعلى هذا الحديث وصوّب فيه الإرسال. إلا أن للحديث شواهد ترتقي بها إلى الحجية. فالحديث من حيث الثبوت ثابت بمجموع طرقه. ومسألة المسح على العمامة قد ثبتت في أحاديث كثيرة وصنفت فيها مصنفات. والصحيح فيها ما ذكر من أنه يجزئ المسح على العمامة إن كانت على الرأس على أي هيئة كانت على الصحيح، لأن بعض أهل العلم اشترط في العمامة هيئات وصفات محدودة، إن لم تكن تلك الهيئات وتلك الصفات، فإنهم يقولون: لا يجزئ مسح العمامة، ومنها أن تكون محنكة، يربط العمامة، تكون مشدودة على الرأس، وأن تكون من تحت الحنك، قالوا لأنها العمامة التي كان العرب يفعلونها، وهي أشد على الرأس، وأن في خروجها وفي نزعها من الرأس فيه نوع مشقة وما شابه ذلك. والصحيح أنها ما دامت عمامة، فإنه يصح المسح عليها لإطلاق الأحاديث في هذه المسألة، فلم يأتي تقييد للعمامة بنوع دون نوع، والعبرة بالعموم في مثل هذه المقامات.

فالحاصل من هذا أنه يجزئ المسح على العمامة، وجاء في الحديث هذا أنه مسح على الخفين والخمار، قالوا يعني العمامة. قال العلماء رحمهم الله تعالى، وسمي خمارًا لأنه يخمر الرأس، أي يغطيه. والعمامة للرجل كالخمار للمرأة، فالمرأة ما تغطي به رأسها يسمى خمارًا، والرجل عمامة، وإن سمي خمارًا فالمراد به العمامة، فالمراد به العمامة كما في هذا الحديث ونحوه. قالوا: المسح عليها ليس له وقت محدود، أي المسح على العمامة ليس له وقت محدود، لا بيوم وليلة، ولا بثلاثة أيام ولياليها كالخفين، ولا غير ذلك، بل يمسح عليها أبدًا ما دامت العمامة على رأسه، فله أن يمسح عليها. قالوا: ولكن لو سلك سبيل الاحتياط فلم يمسحها إلا إذا لبسها على طهارة وفي المدة المحدودة للمسح على الخفين لكان حسنًا. إن كان هناك دليل، ولا دليل.

فالحاصل أن المسح على العمامة لا يشترط فيه من الشروط ما يشترط في المسح على الخفين، من أن تلبس طاهرتين، وأن تغطي الكعبين، وإلى غير ذلك من الأشياء التي مرت معنا فيها. بل المجزئ في مسح العمامة أن تكون عمامة على الرأس. فإذا كانت عمامة على الرأس، فإنه يجزئه أن يمسح عليها. بقي ما هي الصفة التي تجزئ في المسح على العمامة؟ من أهل العلم من كان يخفف في المسح على العمامة فيقول: يجزئ أن يمسح فيها، أو يمسح بها ما تيسر، أن يمسح منها ما تيسر. ومن أهل العلم من ذهب إلى التعميم، أي أن يعمم المسح على العمامة، وهذا هو الأظهر، وهو كذلك الأحوط، أن يعمم بيده المسح، أي يمر بيديه على العمامة، على جميع العمامة، فلا يجزئ أن يمسح مقدمة العمامة أو وسطها أو آخرها، بل يمسح بيديه العمامة كاملة. والله أعلى وأعلم.

طيب، قالوا: أما خمار المرأة، وهو ما تغطي به رأسها، أي ما تغطي به المرأة رأسها. قالوا: فالأولى أن لا تمسح عليه إلا إذا كان هناك مشقة في نزعه أو لمرض في الرأس أو نحو ذلك. وقولهم "الأولى" لعلهم للخلاف المذكور في مسألة المسح المرأة على خمارها، والأصح أنه يجزئها أن تمسح على خمارها. وقد ثبت هذا عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى ذلك طائفة من أهل العلم. فالحاصل من هذا أن المرأة لها أن تمسح على خمارها، لها أن تمسح على خمارها. والله أعلى وأعلم.

قالوا: ولو كان الرأس ملبدًا بحناء أو غيره، فيجوز المسح عليه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، أي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في الحج حينما لبد رأسه، لبد رأسه، فكان رأسه ملبدًا، يعني تلبيده كهيئة الصمغ، يعمل للرأس لأجل أن لا يشعث الرأس ويكون منتشرًا. فاستدل العلماء رحمهم الله تعالى بهذا الحديث، أو بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، في كونه لبد رأسه وتمر يتوضأ ورأسه ملبدًا، على أن الإنسان إذا كان رأسه ملبدًا بحناء أو نحوه ومسح عليه، فإنه يجزئه ذلك ولا يشترط أن يمس الفروة، فروة الرأس والشعر وما شابه ذلك. بل إذا مسح كذلك فإنه يجزئه لفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذلك.

قالوا: وعموما طهارة الرأس فيها شيء من التسهيل والتيسير على هذه الأمة، وهذا التخفيف والتيسير يستفاد من عدة أمور: منها أن الله جل وعلا جعل هذا العضو عضو مسح بخلاف غيره من الأعضاء الوضوء كلها تغسل، الوجه، اليدين، الرجلين، تغسل، إلا الرأس فإنه يمسح، وهذا فيه معنى من معنى التخفيف. الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر معنا الآن لبد رأسه ومسح على رأسه وهو على تلك الحالة، وهذا كذلك فيه معنى من معنى التخفيف. الأمر الثالث: أن الإنسان إذا كان لابسًا عمامة على رأسه فإنه كذلك يمسح عليها، وهذا كذلك فيه معنى من معاني التخفيف والتيسير. فلله الحمد سبحانه وتعالى.

طيب، نكون بهذا انتهينا من مسألة المسح على الخفين، فندخل في المسألة التي تليها. قالوا: الباب السابع في الغسل. والغسل يقال بالضم والفتح، الغسل والغسل. الفقهاء يضمونه يقولون "الغسل"، وأهل اللغة يقولون بالفتح "الغسل"، والكل سائر. وفيه مسائل:

المسألة الأولى: معنى الغسل وحكمه ودليله. قالوا: أولاً معناه الغسل لغة: مصدر من غسل الشيء يغسله غسلًا وغسلًا، وهو تمام غسل الجسد كله. ومعناه شرعًا: تعميم البدن بالماء. معناه شرعًا: تعميم الجسد بالماء. قالوا: أو استعمال ماء طهور في جميع البدن على صفة مخصوصة، على وجه التعبد لله سبحانه. على وجه التعبد لله سبحانه إن كان الغسل تعبديا. المسألة هنا للغسل التعبدي.

قالوا: حكمهم. قالوا: والغسل واجب إذا وجد سبب لوجوبه. لقوله تعالى: "وَإِن كُنْتُمْ جُنُوبًا فَاتَّطَّهَّرُوا"، والأحاديث التي ورد فيها كيفية الغسل، أو كيفية الغسل عن عدد من الصحابة، نقلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دالة على وجوبه. وسيأتي طرف منها قريبًا إن شاء الله.

قالوا: الثالث، يعني أولًا حكمه أنه إذا جاء موجب الغسل، فإنه يكون واجبًا، وسيأتي ذكر ما هي موجبات الغسل. قالوا: الثالث، موجباته. قالوا: ويجب الغسل للأسباب الآتية:

  1. خروج المني من مخرجه. قالوا: ويشترط أن يكون دفقًا بلذة من ذكر أو أنثى. لقوله تعالى: "وَإِن كُنْتُمْ جُنُوبًا فَاتَّطَّهَّرُوا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعلي: "إذا فضغت الماء فاغتسل". قالوا في الحاشية: إذا فضغت، قالوا: فضغ الماء أي دفقه، والمراد المني. قالوا: ما لم يكن نائمًا ونحوه، فلا تشترط اللذة لأن النائم قد لا يحس به. ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل: هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: "نعم، إذا رأت الماء"، كما جاء ذلك في حديث أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها في صحيح مسلم وغيره. قالوا: هذا كله مجمع عليه، وهو كما قالوا، لكن ها هنا مسألة، وهي في قولهم: "ويُشترط أن يكون دفقًا بلذة"، هذه الصورة متفق عليها. وهناك صورة أخرى وقع فيها شيء من الخلاف، وهي ما إذا خرج الماء من الرجل أو من المرأة من غير لذة. من غير لذة، هل يلزم بالغسل أم لا؟ الجمهور على أنهم لا يلزم بالغسل. وذهب الشافعي رحمه الله تعالى وغيره إلى وجوب الغسل لعمومات الأدلة في الباب، ومنها قول الله جل وعلا: "وَإِن كُنْتُمْ جُنُوبًا فَاتَّطَّهَّرُوا"، فقال يعني معنى كلامه أن خروج الماء من الذكر أو الأنثى يجعله جنوبًا، وإذا كان جنوبًا، فالله جل وعلا يقول: "وَإِن كُنْتُمْ جُنُوبًا فَاتَّطَّهَّرُوا". وكذلك استدلوا بما جاء في الصحيح من حديث ابن عباس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الماء من الماء". وهذا الحديث وإن كان نسخ باعتبار إلا أنه محكم باعتبار آخر، وهو أنه إذا رؤي الماء فإن الماء من الماء. الشاهد منه: "الماء من الماء" بمعنى أنه إذا رأى الماء وخرج الماء فإنه يجب عليه الغسل. "الماء من الماء"، أي الغسل من خروج الماء من الرجل أو الأنثى. وكذلك مما يُستدل به في هذا المقام مسألة احتلام النائم، فإنه يخرج من غير لذة، ومع هذا أوجب عليه الشرع أو الشارع، أوجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يغتسل، قال: "نعم إذا هي رأت الماء". وهذا القول أظهر، وكذلك أحوط وأسلم وأبرأ للذمة. والله أعلى وأعلم. بمعنى أن الإنسان إذا خرج منه الماء ورأى الماء، وتأكد من الماء، فسواء خرج بلذة أم لا، فالواجب عليه أن يغتسل. الواجب عليه أن يغتسل لما تقدم ذكره من الأدلة، والله أعلى وأعلم.

  2. قال الثاني: تغييب حشفة الذكر كله أو قدرها في الفرج، وإن لم يحصل إنزال، بلا حائل. لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ومسّ الختان الختان، وجب الغسل". لكن لا يجب الغسل في هذه الحالة إلا على ابن عشر أو بنت تسع فما فوق. وحديث "إذا جلس بين شعبها الأربع"، الحديث متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

طيب، في هذه الفقرة عدة مسائل. فمن هذه المسائل قولهم: "تغييب حشفة الذكر"، بمعنى أن الرجل إذا جامع، فغابت حشفة الذكر، فإنه يجب في هذه الحال عليه الغسل، وإن لم ينزل، كذلك يجب عليه أن يغتسل للحديث المذكور: "إذا جلس بين شعبها الأربع ومسّ الختان الختان، فقد وجب الغسل"، وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل"، جاء في رواية "وإن لم ينزل". وإن كان في هذه الرواية مقال، الشاهد منه أنه إذا حصل الجماع بإيلاج الحشفة في الفرج أو قدرها، ومعنى قدرها لمن كان فيه علة، يعني الحشفة غير موجودة، فيكون قدرها. إذا أدخله كذلك فيكون فيه الغسل. قالوا: "وإن لم يحصل إنزال"، وهذا كما تقدم. وقولهم: "بلا حائل"، بلا حائل أي أنه إذا أدخل ذكره بلا حائل، فيكون فيه الغسل. ولو كان بحائل، وكذلك يشعر باللذة، كذلك فيه الغسل. فإن كان بلا حائل، وبلا هذا، فخلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، والأحواط كذلك الغسل، والأحواط في ذلك كذلك الغسل. والله أعلى وأعلم.

قالوا: "لكن لا يجب الغسل في هذه الحالة إلا على ابن عشر أو بنت تسع فما فوق"، وهذا يحتاج إلى دليل. والصواب أنه يجب مطلقًا بما تقدم من الأدلة، ومنها قول الله جل وعلا: "وَإِن كُنْتُمْ جُنُوبًا فَاتَّطَّهَّرُوا"، والجنوب من جامع، وإن لم ينزل. وكذلك لحديث عائشة المذكور في الباب: "إذا جهدها ومسّ الختان الختان فقد وجب الغسل"، سواء كان ابن عشر أو أقل من ذلك. والله أعلى وأعلم.

سبحانك اللهم بحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

  • 21 جمادى الآخرة 1433هـ - 12/05/2012مـ
  • 6.78MB
  • 29:36

شاركنا على