حكم بيع المرابحة

الدرس في حكم بيع المرابحة، ألقاها الشيخ عبدالله بن مرعي العدني

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :

فجواباً عما ورد عن إدارة جمعية صيادي الخور التعاونية السمكية بمديرية الشحر – حضرموت ومن معهم من إخواننا الأفاضل حفظهم الله في سؤالهم الوارد بتاريخ 17/رجب/1425هـ الموافق 2/9/2004م بمرجع ج خ 27/3/2004م والمتضمن السؤال عما يسمى ببيع المرابحة الذي تتعامل به بعض البنوك التي تقدم خدمة شراء المعدات بحسبها وصفاتها بالآجل لمن يرغب فيها بأن يقسط المبلغ عليه لفترة ثلاث أو خمس سنوات حسب الاتفاقية بين الطرفين وبدون فوائد مذكورة كما ذكر في السؤال وقد سبق الإطلاع على ما يسمى بعقد بيع المرابحة الصادر عن البنك المذكور ووجدنا الملاحظات التالية :

1. فيه إبرام العقد بين طرف البنك والطرف الطالب للبضاعة قبل ملك البنك للبضاعة وحيازته لها وهذا لا يجوز لما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تبع ما ليس عندك } رواه أحمد والأربعة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه وصحَّ النهي عن بيع السلعة قبل قبضها فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال (لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافاً يعني الطعام يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم ) رواه البخاري ومسلم وفي لفظ له (... فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ). والبنك لا يفعل هذا .

2. قولهم (إذا تأخر الطرف الثاني عن تسديد أي قسط في موعده المحدد ... إلى آخره ) .

هذا شرط غير صحيح وقد أفتت اللجنة الدائمة أن مثل هذا الشرط غير صحيح لأنه ينافي مقتضى العقد وهو التأجيل الذي استحقت به الزيادة وإذا كان المدين معسراً فإنه يجب إنظاره عملاً بقول الله عز وجل (( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )) (280) سورة البقرة , \"فتاوى اللجنة الدئمة 13/182\" .

3. قولهم ( وعليه فإن أجور التفريغ والرسوم الجمركية ... إلى آخره ) هذا يؤكد أن شراء البنك للبضاعة شراء صوري وليس حقيقياً لأنه لم يحصل حقيقة الملك والقبض لهذه البضاعة من قبل البنك وحقيقة الأمر أن البنك متبرئ من تبعات الملك حريصاً على النسبة الزائدة فقط التي هي عين الربا ولهذا فهو يحيل ضمانات السلع على البائع الحقيقي كما هو مشاهد , وأن الطرف الثاني الطالب للبضاعة القابل للشرط هو المشتري الحقيقي وهو محتاج للمال فقط ولو بالنسبة الزائدة التي هي عين الربا والله المستعان .

وهنا نذكّر وننصح بأهمية سؤال أهل العلم واجتناب مثل هذه المعاملات المحرمة والحذر منها وعدم إعانة أهلها سواء أهل الربا الصريح الذين يطلبون الدين مع الزيادة أو من يتعامل بمثل هذه الصور الخفية التي فيها التحايل على الربا الذي هو سبب للعنة الله ورسوله فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء } رواه مسلم وهي سبب لنزع البركة وذهاب المال والتجارة فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة } . رواه ابن ماجه وهو صحيح وفي لفظ للحاكم { الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل}.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم } رواه الحاكم وله شواهد وذكره الألباني رحمه الله في \"الصحيحة\" والحيلة لا تزيد المحرم إلا حرمة , وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ... قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه } متفق عليه , نسأل الله تعالى أن يجنبنا الحيل ويوفقنا لصدق التمسك بدينه وحسن الإتباع لنبيه صلى الله عليه وسلم آمين.

كتـبـه :

أبو عبد الرحمن

عبــد الله بــن عـمـــر بن مــرعــي بن بريك

3 / شعبان / 1425 هـ