مقدمة بين يدي المباحث المنهجية

الدرس في مقدمة بين يدي المباحث المنهجية، السبت 1 صفر 1431هـ 16 يناير 2010م . ألقاها الشيخ أبو همام عبد الله باسعد

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فإن الحديث عن المباحث المنهجية وما يتعلق بها من مسائل دعوية لَهِي من الأمور المهمة والمواضيع المُلحََّة التي ينبغي أن تطرح وتشرح في هذه الأزمان المعاصرة لشدة الحاجة إليها ولعظيم جهل الناس بها ولغيرها من الأسباب ليس هذا أوان ذكرها وسردها.

والناس إزاء هذا المبحث على طرفي نقيض :

فطائفة من الناس لم ترفع رأساً بهذا المبحث وأعرضت عنه تماماً بحجة أنه مما يُشغِل عن العلم الشرعي أو يتعذر عنه البعض بأنه مما يقسي القلوب! وبه يكون تتبع ما عند الآخرين من عيوب!!

فأداهم هذا العزوف بأن يجهلوا حقيقة ما عليه الجماعات من ضلالات وانحرافات , وما هم بصدده من مؤامرات ومخططات , بل لربما أوصلهم جهلهم في هذا الباب بأن يجهلوا منهجهم الذي يسيرون عليه! وما هي الأصول والثوابت التي يدعون الآخرين إليه!!

فمثل هذا الصنف قد تأتي عليه الأيام وتمر عليه الحوادث فيكون بوقاً لإحدى هذه الجماعات الضالة وسنداً وعوناً لبعض أفكارها الهدامة – شعر بذلك أو لم يشعر – .

فنرى أمثال هؤلاء من لربما يغتر مثلاً – ببعض صنيع أفراخ الخوارج من (التكفيريين) وأن ما يقومون به إنما هو إرجاع لهيبة الإسلام والمسلمين!!

وآخر قد ينبهر لبعض أطروحات أفراخ المعتزلة من (العقلانيين) وأن أفكارهم وآراءهم تساهم في خدمة الدين!!

وحدِّث ولا حرج عمن يتتبع جلسات ومجالس الصوفية (القبوريين) فيخلص بأنهم قوم لهم أيدي بيضاء في تهذيب أخلاق المسلمين!!

فكم نحدِّث ونعدد عن هذه الأصناف الكثيرة والجماهير الغفيرة - ممن تنسب إلى أهل السنة - وقد اغترت وانحازت إلى هذه الجماعات المنحرفة والفرق الضالة بعد ما غفلت عن أصول منهجها ومنهج تلكم الجماعات.

وبالمقابل فقد زهر على نقيض ذلك طائفة من (الشبيبة والأغمار) حيث غلو في هذا المبحث وجعلوه هو أصل العلوم! ورأس الأمور! فخاضوا في غمار (عالم الفرق والجماعات)!! - على حداثة أسنانهم وقصور مداركهم - دراسةً وتحليلاً , جملةً وتفصيلاً فصرفوا له الأوقات الكثيرة وبذلوا فيه الجهود المضنية بحجة الكشف! عما عليه (المخالفون) من خزايا وزيف!!

وهو مع ذلك كله منصرفون عن العلم الشرعي!! تنقصهم الأسس الشرعية , وتعوزهم المبادئ العلمية التي تؤهلهم للخوض في هذا الميدان ومن ثم القدرة على إصدار الأحكام.

ولست بصدد ذكر ما جنته الدعوة من أمثال هؤلاء الذين أعملوا في الأمة جرحاً وتجريحاً!! وتنهيشاً وتصنيفاً! وذلك بعدما ظنوا أنفسهم هم الحماة للدين!! وأن سواهم إن لم يكن حزبياً الآن فستظهر حزبيته بعد حين! فضيقوا مقام السنة! وأصبحت الأمة - في نظرهم - على شفا هلكة!!
فما بقي على الجادة - عندهم - سوى عشرة!!!

ولك أن تنظر - مثلاً - إلى موقع (هشام)! لتعرف كم بقي على السنة من (فئام) !! فحينها ستعلم عظم جناية هؤلاء على السنة بل وعلى الإسلام.

والحق في هذا المبحث أنه بين تفريط (أولئك) وإفراط (هؤلاء).

فلا بد من العلم ولكن بورع وحلم.

ودراسة مثل هذه المسائل لا يكون بتقعيد قواعد وتأصيلات مستحدثة مبتكرة!! يقررها من عاش في هذه الأزمان المتأخرة! فيا سبحان الله وهل يظن ظان أن أهل السنة لم يعرفوا منهجهم! ولم يتفطنوا لجنايا مخالفيهم!! حتى يأتي من يقعد ويؤصل لهم!!

وقد زعم أناس - من الدعاة- أنهم ساهموا في تقعيد قواعد لمنهج أهل السنة. وياليتهم ما سطروها! حيث أنهم بأصولهم هدموا أصولاً وثوابت كقاعدة (الموازنة)! و (المنهج الأفيح)! و (من حاسب حوسب)! و(عقيدة سلفية ومواجهة عصرية)!
وغيرها من القواعد الفاسدة التي تنسب لأهل السنة! وأهل السنة منها براء.

وللحديث بقية , يتبع بإذن الله في العدد القادم.



وكتبه :
أبو هاشم جمال بن سرور
بدار الحديث بالشحر
السبت1 صفر 1431هـ 16/1/2010م