كتاب الطهارة 23

الدرس في كتاب الطهارة 23، ألقاها

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. ثم أما بعد:

توقفنا في الدرس الماضي عند الكلام على المسألة الثانية في صفتي الغسل وكيفيته. ونظرًا لانطفاء الكهرباء في الليلة الماضية، نقرأ هذه المسألة مرة أخرى.

قالوا: للغسل من الجنابة كيفيتان: كيفية استحباب وكيفية إجزاء. وتقدم معنا ذلك والفرق بينهما. قالوا: أما كيفية الاستحباب، أي الكيفية المستحبة، فهي أن يغسل يديه، ثم يغسل فرجه وما أصابه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة. قلنا قبل هذا: بعد أن يغسل فرجه، يغسل يديه بشيء من المنقيات، سواء من صابون أو نحوه، لحديث ميمونة في صحيحين.

قالوا: ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، أي بعد أن يغسل يديه ثم فرجه، ثم يغسل يديه، يتوضأ وضوءه للصلاة قبل الغسل. قالوا: ثم يأخذ بيده ماءً فيخلله به شعر رأسه، مدخلًا أصابعه في أصول الشعر. في نسختنا: "في أصول العشر"، وهذا خطأ. الصواب: "في أصول الشعر"، حتى يروي بشرته، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر بدنه، لحديث عائشة المتفق عليه.

قالوا: أما كيفية الإجزاء، فأن يعم بدنه بالماء ابتداء مع النية، لحديث ميمونة: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده. فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه. قالت أو قالوا: ومثله حديث عائشة، وفيه: ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد روى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده.

وتقدم معنا أن أصرح حديث في مسألة الإجزاء بالتعميم، حديث عمران بن حصين. وفي حديث عمران بن حصين كما تقدم: أن رجلًا أصابته جنابة فلم يجد الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتيمم، ثم لما وجد الماء أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إناءً فيه ماء، وفي بعض الروايات "ذنوبًا"، فقال له: "أفرغه على جسدك" أو "أفرغه عليه". ففيه أن من أخذ دلوًا من ماء أو إناءًا من ماء، فأفرغه على نفسه فعمم جسده جميعًا بالماء، فإنه يجزئه ذلك، والمستحب الصفة الأولى.

قال: ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك في الغسل من الحيض، كما سمعتم في الدرس الماضي. أن بعض أهل العلم يفرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض بالنسبة للمرأة، فغسل الجنابة يكفيها أن تفرغ على رأسها ثلاث حثيات. أما إذا كانت حائضًا فطهرت من حيضها، فيوجبون عليها أن تفتح شعرها وأن تبالغ في غسل رأسها، كما تقدم معنا. وذكرنا أنه جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها في المرأة التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية غسل الحائض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرها" أو "سدرتها". وفيه أنها تغتسل بالماء والسدر. وفي هذه الأيام، سواء كان السدر أو ما شابه السدر من الأشياء التي تستخدم لغسل الشعر، مثل ما يستخدم هذه الأيام من الشامبو، فهذا كذلك يكون من هذا الباب. فالمقصود من ذلك أن تبالغ في غسل شعرها، وأن توصل الماء إلى أصول شعرها، أي إلى رأسها وإلى بشرتها. هذا في غسل الحائض على قول طائفة من أهل العلم، والجمهور لا يفرقون بين الحائض وغير الحائض في الغسل. أي أنها إذا أفرغت الماء على جسدها وعلى رأسها، وإن كان مشدودًا، أجزأها. ويستدلون بما جاء في صحيح مسلم من حديث أم سلمة، وهو الحديث المذكور هنا، في قولهم: "لحديث أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأقضه لغسل الجنابة؟" قال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين." وجاء في بعض الروايات في صحيح مسلم: قالت: "أفأقضه لغسل الحيضة والجنابة؟" بزيادة لفظة "الحيضة والجنابة." وهذه الرواية عند مسلم. ولكن طائفة من أهل العلم أعلوا هذه الزيادة وحكموا عليها بالضعف بأنها لم تثبت. وإنما ثبتت الجنابة دون ذكر الحيضة. فلا شك ولا ريب أن الأكمل والأحوط أن تعمم وأن تبالغ في غسل رأسها، أي الحائض. وأما الجنوب، فلحديث أم سلمة، لها أن تحثي على رأسها ثلاث حثيات، ولو كان رأسها مجدودًا.

المسألة الثالثة: الأغسال المستحبة. قالوا: تقدم بيان الأغسال الواجبة، وأما الأغسال المسنونة والمستحبة، فهي:

1. الاغتسال عند كل جماع. ومعنى "الاغتسال عند كل جماع" أن الرجل إذا جامع أهله ثم أراد أن يعود إليهم مرة أخرى، مستحب له أن يغتسل بينهما غسلًا. قالوا: لحديث أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، "كان ذات ليلة يغتسل عند هذه، وعند هذه." قال: "فقلت: يا رسول الله، ألا تجعله واحدًا؟" قال: "هذا أزكى وأطيب وأطهر." يعني: أبو رافع رأى أو يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذات ليلة كان يأتي نساءً، يأتي هذه، فيغتسل عندها في ليلة واحدة، ثم يذهب إلى الأخرى، فيغتسل عندها، ثم الثالثة، فيغتسل عندها، وهكذا. فقال له أبو رافع: "يا رسول الله، ألا تجعلهم واحدًا؟" أي: ألا تكتفي بغسل واحد؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا أزكى وأطيب وأطهر." الشاهد منه: أنه كان يغتسل بين جماع وجماع. قال المخرجون: رواه أبو داود وابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه. والحديث في سنده مقال، فإنه من طريق عبد الرحمن بن أبي رافع، وهو مجهول، لم يروِ عنه إلا حماد بن سلمة، ولم يوثقه معتبر، وكذلك عمته سلمة، وهي الراوية عن أبي رافع، روى عنها جمع ولم يوثقها معتبر، بل قال ابن القطان: "لا تعرف." فهاتان علتان من حيث الإسناد. وبعض أهل العلم كذلك استنكره من حيث المتن، إذ ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه جميعًا بغسل واحد، يطوف على نسائه جميعًا بغسل واحد. لذا الإمام أبو داود رحمه الله تعالى بعد أن روى هذا الحديث في كتاب السنن قال: "وحديث أنس أصح." و"حديث أنس أصح." وهذا في إشارة إلى إعلال حديث أبي رافع. رضي الله عنهم أجمعين، وإذا لم يكن في المسألة دليل، رجعنا إلى الأصل، وهو أنه إن توضأ بين الجماع والجماع لحديث أنس، واكتفى بغسل واحد، فهذا هو الأصح والثابت عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وإن اغتسل بين كل جماع وجماع، فكذلك لا بأس في ذلك، لا بأس في ذلك، والكل حسن، والكل حسن.

2. الغسل للجمعة. لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل." والحديث، كما ذكر، رواه البخاري. والحديث جاء عن جماع من الصحابة، في الصحيحين، وبعضها انفرد بها البخاري، وبعضها انفرد بها مسلم. جاء عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد، وعن سلمان، وعن طائفة، وعن ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين. قالوا: وهو آكد الأغسال المستحبة. فهؤلاء ذهبوا إلى أن غسل الجمعة مستحب، وأنه سنة مؤكدة، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، وهو الأصح والله أعلى وأعلم. وذلك لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، ثم أتى الجمعة"، فذكر الحديث. قال: "غفر له ما بين الجمعة والجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام." الشاهد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء، فأحسن الوضوء."

 وجاء كذلك في السنن بإسناد صحيح من طريق الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة فبها ونعمة، ومن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمة، ومن اغتسل فالغسل أفضل." والحديث صحيح. وما جاء في الأحاديث: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة فليغتسل"، أو "حق على من جاء الجمعة فليغتسل"، أو ما شابه ذلك، فالعلماء رحمهم الله تعالى يقولون: هذه من الأوامر التي صرفت عن ظاهرها لقرينة وأدلة أخرى. وعندنا القاعدة المشهورة المعروفة الأصولية أن الأصل في الأمر أنه للوجوب إلا أن يكون ثمة صارف يصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب. وقد سمعتم ما هي الصوارف. والله أعلى وأعلم.

3. الاغتسال للعيدين. أي من الأمور المستحبة: الاغتسال للعيدين. والعلماء رحمهم الله تعالى استدلوا على ذلك بعمومات، منها ما جاء في سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في يوم الجمعة، إن هذا اليوم يوم عيد، جعله الله لكم، جعله الله للمسلمين، فمن أتى لجمعة فليغتسل." قالوا: ففيه إشعار بهذا المعنى أن يوم العيد يستحب فيه الاغتسال والتنظف والتطهر. وكذلك جاءت عمومات، وجاءت كذلك آثار عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، في التنظف والتهيؤ لصلاة العيدين أو للعيد، ومنها الاغتسال.

4. الاغتسال عند الإحرام بالعمرة والحج. فإنه صلى الله عليه وسلم اغتسل لإحرامه، كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر. وجاء كذلك عن جابر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أو عند الإحرام اغتسل عند الإحرام بالعمرة والحج. وهذا يدل على استحباب ذلك، على استحباب الغسل للمحرم عند الإحرام، واستحبابه كذلك قبل أن يدخل مكة، لأن هذين المواطنين قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل فيهما، كما في حديث ابن عمر. ابن عمر اغتسل في هذين المواطنين، ثم قال: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل."

5. الغسل من غسل الميت. لقوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتًا، فليغتسل." والحديث كما ذكر في التخريج: رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في الإرواء. والحديث: العلماء رحمهم الله تعالى مختلفون في تصحيحه، والأقرب والله أعلى وأعلم عدم الصحة، أنه لم يصح. والحديث ضعفه طائفة من العلماء، ومن المعاصرين كان يضعفه شيخنا العلامة مقبل الوادعي، رحم الله الجميع. فالحديث لا يصح، فلذا ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه غسل ولدًا لسعد بن زيد، لسعيد بن زيد، ثم توضأ وصلى ولم يغتسل. وثبت عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: "إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا، حيا ولا ميتا." فلماذا الغسل؟ فلماذا الغسل؟ فالحاصل أن من غسل ميتًا، من غسل ميتًا فاغتسل، فالأمر واسع، أي ليس بواجب الغسل من غسل الميت. ومن توضأ، فالأمر كذلك واضح. وإن كان على وضوء، فلا يحتاج إلى وضوء. فالحاصل أن الحديث لا يصح، والمسألة تبع لهذا الحديث. فإذا لم يصح، فليس ثم دليل صحيح على وجوب الغسل من غسل الميت. والله تعالى أعلى وأعلم.

قالوا: المسألة الرابعة: الأحكام المترتبة على وجوب الغسل، أي ما هي الأحكام التي تترتب على من وجب عليه الغسل، كغسل الجنابة، ولم يغتسل؟ قالوا: الأحكام المترتبة على ذلك يمكن إجمالها فيما يأتي:

1. لا يجوز له المكث في المسجد إلا عابر سبيل، لقوله تعالى: "ولا جنوبًا إلا عابر سبيل حتى تغتسلوا." قالوا: فإذا توضأ، جاز له المكث في المسجد، لثبوت ذلك عن جماعة من الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الوضوء يخفف الحدث، والوضوء أحد الطهورين. 

قولهم: "لا يجوز له المكث في المسجد" يحتاج إلى دليل. وأما الدليل الذي استدلوا به، وهو قوله تعالى: "ولا جنوبًا إلا عابر سبيل"، فأول الآية تبين المعنى. قال الله جل وعلا في أول الآية: "يا أيها الذين آمنوا، لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنوبًا إلا عابر سبيل حتى تغتسلوا." فقوله "ولا جنوبًا" معطوف على ماذا؟ "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى." إذن المقصود: "ولا جنوبًا، أي لا تقربوا الصلاة وأنتم جنوب، حتى تغتسلوا." لذا استثنى هؤلاء من كان على جنابة ولكنه توضأ، فقالوا: فيجوز له المكث. والسؤال هنا يقال: من توضأ وكان على جنابة، هل هو جنوب أم لا؟ فإن قيل جنوب، فيقال على القول بأنه لا يجوز للجنوب أن يمكث في المسجد، فالآية تتناوله. وإما أن يقال بأن الآية لا تتناول، وهذا أظهر. وعندنا أيضًا من الأدلة العامة ما يدل على هذا المعنى، فمنها ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المسلم وفي رواية المؤمن لا ينجس." لا ينجس. أي إذا بقي في المسجد، ما المانع؟ وهو ليس بنجس. المؤمن. وكذلك جاءت أدلة وآثار. ومن هذه المذكورة أن الصحابة ربما كان أحدهم على جنابة فمكث في المسجد، بل قد ثبت أن الشباب، شباب الصحابة كانوا ينامون في المسجد، ينامون في المسجد، ولابد أن تصيب أحدهم الجنابة. المهم أنه ليس ثم دليل واضح صريح يدل على عدم جواز المكوث في المسجد للجنوب، مع أن الأفضل والأكمل أن لا يمكث فيه إلا وهو على طهارة. لكن أن نقول بأنه يحرم عليه ويكون آثمًا، يحتاج إلى دليل. والله تعالى أعلى وأعلم.

مسألة. هذه نقرأها سريعًا، قد مرت معنا.

2. قول: لا يجوز له مس المصحف، لقوله تعالى: "لا يمسه إلا المطهرون." وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس المصحف إلا طاهر." تقدم معنا الكلام على هذه المسألة في مسألة مس المحدث للمصحف، وكذا قراءة القرآن. وتقدم معنا أن الأظهر والله أعلى وأعلم وقال من أجاز ذلك مطلقًا، والأكمل أن يتطهر.

3. قول: لا يجوز له قراءة القرآن، فلا يقرأ الجنوب شيئًا من القرآن حتى يغتسل. حديث علي قال: "كان عليه الصلاة والسلام لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة." والحديث لا يصح. هذا الحديث لا يصح. ولأن في منعه من القراءة حثًا له على المبادرة إلى الاغتسال وإزالة المانع من القراءة.

قالوا: ويحرم عليه أيضًا الصلاة، وهذا بإجماع. لا يجوز لمن كان على جنابة، أو يجب عليه الطهر بالغسل، كالحائض أو النفساء، أو ما شابه ذلك، أن يصلي إلا بعد الغسل.

5. قالوا: الطواف بالبيت. وقد تقدم كذلك الكلام على مسألة الطواف بالبيت. والله تعالى أعلى وأعلم. قالوا: كما سبق بيان ذلك عند الكلام على مسألة ما يجب له الوضوء من الباب الخامس. والله أعلى وأعلم.

إلى هنا. سبحانك اللهم وبحمدك. لا إله إلا أنت. أستغفرك وأتوب إليك.

  • 29 جمادى الآخرة 1433هـ - 20/05/2012مـ
  • 5.43MB
  • 23:43

شاركنا على